موزة سيف مطر: بيت المرأة أساس نجاحها
كنحلة لا تهدأ، تنتقل موزة سيف مطر، موجهة الكيمياء بوزارة التربية والتعليم، رئيسة الجمعية الكيميائية الإماراتية وعضوة مجلس أمناء جائزة رأس الخيمة للإبداع والتميز التعليمي، من نجاح لآخر، فطموحها كبير وإحساسها بالمسؤولية يطاردها، والتعليم همها الأكبر . ترى أن نجاح المرأة في بيتها أساس نجاحها خارجه، وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة . حول نجاحاتها ومشاركاتها العلمية والعملية وأسرتها وغيرها تحدثت موزة سيف مطر في هذا الحوار .
حدثينا عن طفولتك ودراستك والمرحلة الجامعية
- نشأت في أسرة متماسكة وملتزمة، وبين والدين يقدران العلم ويحرصان على تعليم أبنائهما رغم أنهما غير متعلمين . كان والدي يعمل في البحر ويتنقل بين الدول الخليجية حتى بداية الاتحاد، لتتحمل والدتي مسؤولية تربيتنا، ما غرس في نفوسنا الدور الكبير والعظيم للمرأة والأم . ومنذ طفولتي، كنت متفوقة ومحل أنظار أهل الفريج الذي تربيت فيه من حيث القدوة والأخلاق العالية، درست المرحلة الابتدائية في مدرسة زبيدة، وانتقلت بعدها للمرحلة الإعدادية في منطقة المعيريض برأس الخيمة، أما المرحلة الثانوية فكانت في مدرسة الصباحية الثانوية . وانتقلت بعدها للجامعة والتحقت بكلية العلوم تخصص الكيمياء والجيولوجيا، وحافظت على تفوقي حتى تخرجت بامتياز .
هل اخترت هذا التخصص بناء على رغبتك؟
- كنت أتمنى الالتحاق بكلية الطب، ولكن بعد إنهائي من المرحلة الثانوية عام ،1984 لم تكن هناك كلية طب في الإمارات، فاخترت التخصص الأقرب من وجهة نظري، كما أن تفوقي في جميع المواد الدراسية، وخصوصا العلمية التي كنت أحصل فيها على الدرجات النهائية، شجعني على ذلك، وتخرجت بحمد الله خلال 3 سنوات ونصف لتقديراتي المرتفعة، وهو الوقت الذي كنت أستقبل فيه مولودي الأول معاذ
أين بدأت حياتك العملية؟ وكيف تدرجت في المناصب؟
- بدأت العمل كمدرسة علوم بمدرسة البيضاء الإعدادية برأس الخيمة لأشهر فقط، ولأنني أثبت تميزاً واضحاً انتقلت بتوجيهات التوجيه التربوي إلى مدرسة سهيلة الثانوية . وبعد خمس سنوات فقط ترقيت إلى معلمة أولى للكيمياء والجيولوجيا، وكنت حينها أصغر معلمة أولى لهما، وبعد هذه الترقية بثلاث سنوات خضت دورة في التوجيه التربوي وترقيت إلى موجهة كيمياء وجيولوجيا، لأكون أول موجهة كيمياء مواطنة على مستوى الدولة عام ،1996 وحصلت بعدها على جائزة حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، فئة الموجه المتميز، كما حصلت على جائزة خليفة بن زايد، وكنت الأولى على الدولة .
ما مشاركاتك العلمية والعملية في مجال التربية والتعليم؟
- أنا عضوة لجان تدريب المعلمين والموجهين على مستوى الوزارة، ومجلس أمناء جائزة رأس الخيمة للإبداع والتميز التعليمي، واتحاد الكيميائيين العرب، ومركز ديبونو للتفكير، وجمعية نهضة المرأة برأس الخيمة، ولجان المسابقات العلمية والأولمبياد داخل وخارج الدولة . وشاركت في عدة لجان منها لجان تأليف المناهج، والمواءمة، واستقطاب المعلمين داخل وخارج الدولة، والتقويم والامتحانات، كما شاركت في إعداد وثيقة مناهج العلوم، وامتحانات الصف الثاني عشر، وإعداد دليل التقويم البديل المطور للمرحلة الثانوية .
كونك رئيسة اللجنة الفنية لأولمبياد الكيمياء، ما أهميته للطلاب؟ وهل يكشف عن مبدعين في الكيمياء؟
أولمبياد الكيمياء مسابقة علمية نظرية وأدائية، تختبر قدرات الطلبة ومهاراتهم في المادة بالإضافة لمعارفهم العلمية المختلفة . وتقام المسابقة على مستوى المناطق التعليمية، وعلى مستوى الدولة بشكل سنوي، وتستضيفها إحدى الدول العربية كل عام، وتهدف إلى اكتشاف المبدعين والمتميزين في الكيمياء وتدريبهم ورعايتهم وتعزيز مواهبهم وقدراتهم العلمية والعملية، وبالتالي إعدادهم كعلماء ومفكرين ومنتجين . وأرى أن اجتماع طلبة الوطن العربي وتبادلهم للآراء والأفكار يعد تظاهرة علمية رائعة وراقية، والإمارات حصدت هذا العام أربع ميداليات ذهبية وهو أمر يدعو للفخر .
ما إنجازك الأكبر الذي تفخرين به ؟
- تأسيس أول جمعية كيميائية إماراتية، إذ كانت حلماً يراودني واستطعت، بحمد الله، تحقيقه .
لمن يعود الفضل في ما أنت عليه اليوم؟
يعود الفضل، بعد الله سبحانه وتعالى، إلى والدتي التي كانت تشجعني دائما، ووالدي، رحمه الله، الذي كان يسعد بنجاحاتي في مراحل دراستي المختلفة . وفي مجال العمل، فلزوجي إبراهيم حسن النعيمي، رئيس قسم الإدارة التربوية ورئيس قسم الأنشطة الطلابية ومدير مركز تطوير الامتحانات بمنطقة رأس الخيمة التعليمية، الدور الأكبر في دعمي ووصولي لما أنا عليه اليوم، فلديه عقلية إدارية راقية، وأراه خبيرا تربويا محنكا، وزوجا وأبا مثاليا . ولا أنسى فضل أختي التي أعتبرها أما روحية لي، فهي تشارك أمي مسؤولية الاهتمام بي وبأبنائي في غيابي .
هل أنت راضية عما حققته حتى اليوم؟
- طموحي لا حدود له، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وأطمح للمزيد رغم رضاي عما حققته، إذ أطمح لأن نشارك في الأولمبياد الدولي وأن نحقق مراكز متقدمة في الكيمياء على مستوى العالم، كما أطمح لأن تتوافر لدينا مؤسسات تدعم مواهب الطلبة في جميع المجالات وتعززها وتتبناها، لننتج علماء في الكيمياء والأحياء والفيزياء، فلدينا العقول والمال والأمل لكننا بحاجة لأيادٍ تحسن اختيار هذه الفئة وتوصلها لبر الأمان . كما أتمنى أن تلقى الجمعية الكيميائية الإماراتية الدعم المادي والمعنوي، ليصبح لها مقر وتستقل عن بيوت أعضائها التي تقدم خدماتها منها .
ما أمنياتك وطموحاتك في ما يخص المجال التعليمي في الإمارات؟
- أتمنى أن يثق أصحاب القرارات في مجال التعليم بقدرات التربويين من إداريين وموجهين وفنيين ومعلمين، وفي قدرات الطلبة وإمكاناتهم، فالغالبية يمتلكون قدرات إبداعية وعلمية وإدارية فائقة، ومن يحاول زعزعة هذه الثقة لديه رغبات خاصة وشخصية، قد لا تنعكس إيجابا على الميدان التربوي .
لا نحارب الجديد، فالتغيير والتطوير ظاهرة صحية، ولكن عندما تكون مدروسة وتأخذ حقها من الزمن والتفكير ودراسة الجدوى، وتكون مبنية على أسس وقابلة للتعديل والتقويم والتراجع متى لزم الأمر، فلا يوجد صح مطلق ولا مشروع ناجح مئة في المئة قبل تنفيذه وتجربته، وليست هناك نظرية ثابتة إلى الأبد، ومفهوم الأصالة في الإبداع أن نبني على أسس علمية وحقائق وليس على لا شيء، والإصرار على الرأي، وإن كان خطأ، قمة الجهل، فالميدان التربوي أمانة لدى كل تربوي .
ننتقل إلى أسرتك، ممن تتكون؟
- لدي 6 أبناء، 3 ذكور و3 إناث، أكبرهم المهندس معاذ، ثم ابنتاي مريم وحصة الطالبتان في كلية الطب، ثم شيخة الطالبة في الصف الثاني عشر العلمي، ثم سيف الطالب في الصف التاسع، وحسن الطالب في الصف الثالث الأساسي .
هل تتدخلين في اختيار تخصصات أبنائك الجامعية؟
- لا أتدخل باختياراتهم التي تسعدني دائما، ولكننا نتشارك الآراء حول مستقبل كل منا، فهم أيضا يشاركونني بآرائهم في بعض نشاطاتي ومشاريعي في العمل .
كيف تستطيعين التوفيق بين عملك ومنزلك وأبنائك؟
- الأساس في بناء الأسرة هو بناء الثقة، ومن ثم التعزيز والمتابعة والتعاون بين الزوجين، وانعكاس ذلك على الأبناء في ما بعد، فالتفاهم الأسري والتوافق والاحترام المتبادل له أثره في الأبناء، سواء في وجود الوالدين أو غيابهما . وأثبت على مدى 23 عاما من الزواج، وبالرغم من زواجي المبكر، والتحاقي بالعمل مباشرة بعد الجامعة، أنني قادرة على إدارة أسرتي والرقي بأبنائي نحو الأفضل . ومن خلال إدارة الوقت والحوار والسعي لبناء شخصية الأبناء علمياً ودينياً ومجتمعياً، تنجح مهمة الوالدين، ويكون عمل الأم محفزا، ونجاحها لا يكتمل إلا بنجاحها في منزلها أولا ونجاح أبنائها، لأنهما الأساس .
هل أصبح عمل المرأة برأيك ضرورة لبناء كيان الأسرة؟
- نعم، فالأم العاملة واسعة الأفق، ثابتة الخطى، تبحث عن التميز وتحاول تنمية مهاراتها وقدراتها بشكل مستمر، لتمتلك من العلم والقوة والثقة ما يمثل دعائم وركائز لبناء كيان الأسرة . وهذا لا ينقص من دور ربة البيت غير العاملة إذا كانت مثقفة وواعية وتواكب التغيير ولها اهتمامات علمية واطلاع واسع .
ما هواياتك التي تستمعين بها وقت الفراغ؟
- كتابة الشعر والقصص القصيرة، والسفر والتسوق، والاجتماعات الأسرية والزيارات بعض الأحيان
ما البلدان التي تحبين السفر إليها؟
- رغبتي الحقيقية تكون في السفر للدول ذات الأماكن الأثرية والتاريخية كتونس وبعض الدول العربية، وأستمتع بالطبيعة والمناظر الخضراء وهذا ما أجده في دول شرق آسيا وخاصة الهند، ولكن الأبناء لا يحبذون هذه الأماكن غالبا، ما يضطرنا للسفر لبلدان أخرى نزولاً عند رغبتهم، ولكن متعتهم تسعدنا
SHARE THIS PAGE!